الاثنين، 16 يناير 2017

قصة : دنيا .... بقلم شيرين بدران

:-يالا اصحى بقى كفياك نوم الساعة داخلة علة 10 قوم يا كسلان ..
نظر إليها بعين نصف مغمضة ورد بصوت نائم
:- سيبني أنام يا دنيا أرجوكي أنا مانمتش كويس إمبارح
:-لأه مش هسيبك قوم عشان تفطر قالت وهي تفتح الستائر ليتكدس بعدها النور في كل أركان الغرفة لم يستطع أن يفتح عينه نظراً للنور الكثيف وقال وهو يداري بكفه عينيه حتى يتصدى هجوم الضوء عليها ، :- يووووووه قولتلك ميت مرة مابحبش النور ده على الصبح كده
:- عارفة ومتعمدة عشان تصحى وتابعت بغنج يالا يا حبيبي قوم بقى عشان خاطري ولثمت قبلة رقيقة على خده
:- أهو عشان البوسة الجامدة والدلع ده بس هاقوم مش عشان الحركات الزبالة وفتح الشبابيك اللي إنتي عارفه إنه اكتر حاجة بتقرف أمي.
:- كده طاااايب وأخذت تضرب فيه بالوسادة بخفة ظل مش أنا بتاعة حركات زبالة طيب أنا هاوريك شغل الزبالة اللي على أصوله وتابعت وهي تتصنع الغلظة والخشونة يالاااا قوم يااااااااض .
أخذ يتفادى الضربات وهو يضحك :-هاقوم يا سعادة الباشا وعليا النعمة لأنا قايم خلاص
تخلت عن ضرباتها وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها
نظر إليها وقال :- إيه تعبتي أومال لو مش دراعك متجبس وماشيالي بدراع واحد زي أم سحلول كنتي عملتي فيا ايه
:- خالد هاااااا وأمسكت بالوسادة مرة أخرى ولازلت تضربه
:- خلاص خلاص قايم حضرتي الفطار
:- هحضره إزاي وأنا بالمنظر ده قالت وهي تنظر إلي ذراعها
:- اه صحيح يعني كمان صاحي غصب عن أهلي وهحضر الفطار .. لا يوم ظريف جدا بصراحة .
:- إذا كان عاجبك قالت وهي تهم بالنهوض
وما أن إدارت له ظهرها إلا ونام مسرعاً مرة أخرى وشد الغطاء عليه بإحكام وقال وهو يتصنع التثاؤب :- والنبي يادندون إطفي النور وشديلي الستاير دي كده وحياة آبوكي
جرت هاجمة عليه ممسكة بالوسادة وظلت تضربه بها مرة أخرى
ظل يضحك وهو يتفادى الضربات :- حاضر حاضر يا بنت المجنونة هقوم والله خلاص أزاح الغطاء بكسل ونهض من السرير وهو يردد :- حُكم القوي
:- إنت كمان هاتتكلم هو ده اللي عندي وورينا بقى هتعمل إيه
:- هو أنا أقدر أتنفس يا سعادة الباشا إتفضل قصادي يا أبو الكباتن.
هذه هي " دُنيا" كما عرفها حبيبة عمره وزوجته ومصدر سعادته ، لم تتغير منذ أن عرفها ، جميلة رقيقة بشوشة خفيفة الظل ، تتمتع ببرأة وإسلوب طفولي جعلته يذوب فيها ، كانت أجمل فتيات الجامعة على الرغم من بساطتها ، فهي لم تضع مساحيق التجميل إلا في ليلة عرسها ووضعته متضررة ، على الرغم من إنها تخطت العشرين ، إلا وإنها لازالت تصفف شعرها كالأطفال ، ضفرتين ، و ديل حصان لازالت تضع فيه الشرائط وتستخدم توك الآطفال بكافة ألوانها وآشكالها لازالت تشتري العرائس والدباديب وتنام وهي محتضنة إياهم ، لازالت تأكل في طبق صغير وملعقة صغيرة وتشرب من كوب صغير ،لازلت تشاهد أفلام الكرتون إلى الأن وتتأثر ل عذاب سندريلا بسبب معاملة زوجة أبيها القاسية ، لازلت تبكي على سنو وايت التي أكلت من التفاحة المسمومة ،بالإضافة إنها تتمتع بفطرة الأطفال ، لا تعرف الكذب ولا الخداع ولا النفاق تتصرف بكل شئ على طبيعتها دون تصنع أو تكلف ، هكذا أحبها لأنه وجد فيها كل ما يتمناه الفطرة والطيبة والحنان والذكاء والحب الصادق ، شخصية نادرة الوجود حقاً
رفعها خالد من على الأرض وهو يساعدها على الجلوس على رخامة المطبخ
إنت هتعمل بيض يا خالد وسدت أنفها كي لا تشم الرائحة
إنتي لسه الوحم ده عندك
ماما بتقولي مش أقل من تلات شهور
أه مش طايقة الريحة
خلاص خلاص تعالي أقعدي بره
لا يا حبيبي أنا عايزة أقعد جنبك وتابعت صحيح يا خالد الأنبوبة قربت تخلص متنساش تغيرها
حاضر
وفاتورة التليفون عايزة تتدفع
حاضر
والكهربا والغاز وال ..........
قاطعها وهو يقترب منها و ينظر في عيونها حاضر وإبتسم بحنان وهو يُكمل حاجة تاني
لأه أنا بس بفكرك عارفه إنك نساي
قبل يدها برقة وهو يقول ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي وإسترسل وهو يسند رأسه على بطنها يا أم دسوقي يا غاليه مش يالا بقى الأكل جهز يا هانم
ضحكت بصوت عالي وهو يحملها مثل الأطفال كي يضعها على الكنبة وجلس بجوراها
أنا مش قد الدلع ده كله يا خالد
يا روح قلبي إنت تدلع بس ولا يهمك
ها تحبي تبدأي بأيه ؟؟؟
أي حاجة إلا ال .............قالت وهي تنظر للبيض بإشمئزاز ونفور
أاااااه
مالك
معدتي قلبت عليا أوي وسدت فمها بيدها وجرت على الحمام
لا حول الله وأدي البيض يا ستي والله ما أنا واكله وأزاحه جانباً
يالا يا دنيا بقى ، يوووووه تعالي بقى إتأخرتي ليه كده أما أقوم أشوفها
دخل الحمام لم يجدها أكيد في الآوضة دخل حجرة النوم لم يجدها
بحث عنها في كل الآماكن ولم يجدها
دنيااااااااااااااا رحتي فين ، تعالي بقى قال بتوسل وتابع وهو منهار بجنون إنتي سيبتيني تاني ؟؟ ، سيبتيني تاني يا دنيا ؟؟؟ إنتي مش وعدتيني إنك عمرك ما هتسبيني ،
"دُنيااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا"
يسقط على الآرض عيونه تكتظ بالدموع ، قلبه ينز ألماً ، شعور ببرد مفاجئ ، يرتجف ، يحتضن نفسه ويضمها بذراعيه دموعه تنهمر أكثر وأكثر يسد أذنه في محاولة لمحق أصوت الزحام و فرملة السيارة على فجأة ، وصوت سيارة الإسعاف
كل الأضواء تتلاشى من أمامه يرتكز نظره على صورتها المعلقة على الجدار الذي أمامه وتعلوها شريطة سوداء مشؤمة، صدى صوت الممرضة يجلجل في آذانه من جديد
" المدام تعيش إنت يا فندم ، البقية ف حياتك "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق